المدير Admin
عدد المساهمات : 39 تاريخ التسجيل : 05/03/2010 العمر : 32 الموقع : http://lovestory.yoo7.com
| موضوع: الفيل الهندي يندفع بقوة خلال الأزمة الاقتصادية الجمعة مارس 12, 2010 2:41 am | |
| الفيل الهندي يندفع بقوة خلال الأزمة الاقتصادية
مارتن وولف الأزمة؟ أية أزمة؟ صانعو السياسة الهندية لا يطرحون سؤالاً متهاوناً من هذا القبيل. لكن الهند مرت «بأزمة جيدة». ومهمتها الآن هي تفكيك المساندة غير العادية التي أُعطِيت للاقتصاد والتحرك بقوة لتحقيق الإصلاحات اللازمة لاستدامة النمو السريع والشامل. في الأسبوع الماضي حين عرض وزير المالية الهندي، براناب موكرجي، الميزانية، قال إن الهند كانت قبل سنة في مواجهة تحد مزدوج: الأزمة المالية العالمية والرياح الموسمية الرديئة. ثم قال: «أستطيع القول الآن بثقة إننا تجاوزنا هاتين الأزمتين على نحو جيد». وعلى حد تعبير نشرة الاستعراض الاقتصادي التي تصدرها الحكومة الهندية: «بدأ العمل على مجموعة متنوعة من برامج التحفيز في النصف الثاني من 2008 - 2009، وفي الميزانية المؤقتة عن 2009 - 2010، ومرة أخرى بعد ثلاثة أشهر في الميزانية الرئيسية عن 2009/ 2010. بحلول الربع الثاني أظهر الاقتصاد علامات على التحول، والآن، بالقرب من نهاية العام، يبدو على الهند أنها تعود بسرعة إلى السنوات القوية السابقة على عام 2008». في السنة المالية 2008/2009 توسع الناتج المحلي الإجمالي في الهند بنسبة 6.7 في المائة. ومن المتوقع أن يتوسع هذه السنة بنسبة 7.2 في المائة. إذا كان الاقتصاد الهندي قد أفلح في اجتياز هذا الاختبار بهذا القدر الضئيل من الأضرار، فحتى المحللين الحذرين يتعين عليهم أن يكونوا أكثر تفاؤلاً بخصوص المستقبل. برامج التحفيز تترتب عليها تكاليف معينة. في السنة المالية 2007/2008 توسع العجز المالي العام للحكومة المركزية من 2.6 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي ليصل إلى رقم (مؤقت) هو 5.9 في المائة للفترة 2009/09 (؟)، مع رقم تقديري هو 6.5 في المائة للعام الحالي. فإذا أدرجنا العجز في الولايات الهندية، فإن الرقم سيقفز من 4 في المائة من الناتج في 2007/2008 ليصل إلى 8.5 في المائة في 2008/2009، مع توقعات بأن يصل الرقم إلى 9.7 في المائة لهذا العام. النمو الاسمي في الناتج المحلي الإجمالي الهندي كان يزداد في المتوسط بنسبة 14 في المائة بين السنة المالية 2004/2005 والسنة المالية 2009/2010. من شأن ذلك أن يجعل العجز بنسبة 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي قابلاً تماماً للاستدامة. أتمنى لو أن ذلك ينطبق بالدرجة نفسها على بريطانيا. مع ذلك، استمرار العجز بالنسب التي من هذا القبيل ليس أمراً مرغوباً. أولاً، معظم الإنفاق، خصوصاً على الأسمدة والمواد الغذائية ومبالغ الدعم للنفط، تستهدف غاياتها بصورة رديئة. ثانياً، انهارت مدخرات القطاع العام من 5 في المائة من الناتج المحلي في 2007/2008 إلى 1.4 في المائة من الناتج في 2008/2009. هذا الاتجاه بحاجة إلى أن يتم عكسه. قبل الأزمة سجل إجمالي مدخرات الهند نسبة عالية بلغت 36 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وبالنظر إلى الميزات الجذابة لرأس المال الأجنبي طويل الأجل في الهند، فإن من شأن ذلك أن يتيح الحصول على نسبة استثمارية تقارب 40 في المائة من الناتج المحلي. حين تكون النسبة الاستثمارية مرتفعة إلى هذه الدرجة، فإن بإمكانها تحقيق ما نسبته 10 في المائة من النمو. بل إنها ربما تحقق نسبة أعلى حتى من ذلك: طالما أن حصة الفرد الهندي من الناتج (محسوباً بمعادل القوة الشرائية) يعادل تقريباً 7 في المائة من حصة الفرد الأمريكي، فإن إمكانية النمو السريع تبلغ درجة هائلة. مدى التفاؤل أصبح بادياً للعيان خلال أسبوع أمضيته في الهند في الشهر الماضي. من بين العلامات البارزة كان هناك مؤتمر حول كتاب يتألف من مجموعة مقالات، على شرف مونتيك سينج ألُوواليا، نائب رئيس مجلس إدارة هيئة التخطيط، الذي يعتبر بعد رئيس الوزراء الهندي، مانموهان سينج، أقوى صانعي السياسة في الهند خلال العقدين الأخيرين (وهو صديق لي منذ 39 سنة).* لفت نظري بشدة النغمة المتفائلة للمقال الذي يتناول «الأداء الاقتصادي الكلي والسياسات، 2008/2009»، بقلم شانكار أتشاريا الذي عمل في السابق في منصب كبير المستشارين الاقتصاديين للحكومة الهندية. يعتبر الدكتور أتشاريا أكثر محللي الاقتصاد الهندي رصانة. والواقع أن الكتاب يعطي إحساساً قوياً بالثقة في النخبة التكنوقراطية في الهند وفي آفاقها المستقبلية. ونلمس الثقة نفسها بين نخبة رجال الأعمال. هذه الثقة تجعل من الهند بلداً مختلفاً تماماً عن الهند التي كنت أعرفها حين كنت كبير الاقتصاديين المتخصصين في مناطق الهند في منتصف السبعينيات، عندما كنت أعمل مع البنك الدولي. إن ظهور إجماع النخبة حول الوجهة التي تسير إليها الهند لهو أمر واضح لأي زائر يأتي إلى الهند بصورة منتظمة. حين دخلت مقر وزارة التجارة، التي كانت معقل معارضي الأسواق المفتوحة في السبعينيات، ذهلت من أحد الملصقات التي تصف الهند بأنها «أكبر ديمقراطية للسوق الحرة في العالم». سمة أخرى هي الاعتقاد بأن واقعية السياسات الهندية، خصوصاً فيما يتعلق بالمالية العالمية وميزان المدفوعات، تبين أنها صحيحة. المسؤولون عن بلد ضخم لديه هذا العدد الهائل من الأشخاص الضعفاء أمام المشكلات الاقتصادية محقون في ارتيابهم ونفورهم من أن يجعلوا اقتصاد بلدهم رهينة للاتجاهات العامة المعادية للمجتمع لدى القطاع المالي. كان هذا هو موضوع مقال بقلم راكيش موهان، النائب السابق لمحافظ البنك المركزي الهندي. مع ذلك، الحذر لا يعني القصور الذاتي. قائمة الدكتور أتشاريا، التي تشتمل على الإصلاحات اللازمة، تضم «البنية التحتية، والزراعة، وقوانين العمل، والمصارف، والطاقة، والتعليم، وتجارة التجزئة». لحسن الحظ، فإن بلداً كبيراً مثل الهند يستطيع أن يتحمل النمو السريع حتى لو ظلت البيئة الخارجية أقل وداً مما كان عليه الحال في السابق. لكن هذا يجعل رفع العقبات الداخلية أمام النمو أكثر إلحاحاً حتى من ذي قبل. البيئة الخارجية لها أهميتها كذلك، على الأقل من ثلاثة اعتبارات. الأول، أن الهند اقتفت أثر الصين في كونها أصبحت أكثر انفتاحاً بكثير عن ذي قبل في مجال التجارة. والواقع أن نسبة التجارة الهندية في البضائع والخدمات (في المجالات غير المنظورة) في الناتج المحلي الإجمالي عام 2008 كانت عند النسبة التي كانت عليها الصين عام 2003. الثاني، أن الهند تعتمد على الوصول إلى المواد الخام الأجنبية، خصوصاً الطاقة. بالتالي الصدمات في أسعار الطاقة من شأنها أن تضر كثيراً بالاستقرار. أخيراً، الهند بحاجة إلى السلام. الهند والصين حضارتان قديمتان، لكن الدولة الصينية القديمة لديها شرعية قوية، أما الدولة الهندية فما زالت فتية. والسياسة هي التفاوض الدائم. لكن الديقراطية ليست، كما يجادل البعض، عقبة أمام تقدم الهند، وإنما هي شرط ضروري لوجودها كدولة. رغم جميع حالات الإحباط وخيبة الأمل، إلا أن النظام السياسي الهندي لا يزال صالحاً للعمل. كما يجادل الفصل الخاص بالأسس الاقتصادية الكلية للنمو (في نشرة الاستعراض الاقتصادي)، فإنه حتى «التكاليف البيرقراطية المرتفعة إلى حد لا يغتفر للهند تشبه الموارد الثمينة المدفونة في باطن الأرض». يمكن تحقيق الكثير إذا ابتعدت الدولة عن الطريق. لا أجد صعوبة في أن أتخيل أن الهند تستطيع احتمال نسبة نمو قريبة من 10 في المائة سنوياً لفترة طويلة من الزمن. إذا استخدمنا افتراضات محافظة، فإن الاقتصاد الهندي سيكون أكبر من الاقتصاد البريطاني، بأسعار السوق، خلال عقد من الزمن، وأكبر من الاقتصاد الياباني خلال عقدين. وفي الفصل الذي كتبته «الهند في العالم» جادلت بأن الهند تتبع الصين من حيث كونها «قوة عظمى قبل أوانها»، وأعني بذلك البلد الذي يعاني من مستويات معيشة متدنية لكنه يمتلك اقتصاداً هائلاً. ينبغي لبريطانيا، التي أنهكها عبء التصنع والتظاهر، أن تعرض خلال فترة قريبة مقعدها في مجلس الأمن إلى مستعمرتها السابقة (الهند). وسيكون شرطها هو أن تفعل فرنسا الشيء نفسه لصالح الاتحاد الأوروبي. وسواء كان هناك استعداد لهذا الإجراء السياسي المستنير (أظن أن ذلك لن يحدث) أم لا، فإننا نتحرك نحو عصر من القوى العظمى القارية. وستكون آسيا موطناً لاثنتين من هذه القوى، وليس لقوة واحدة.
| |
|